رابطة الذخائر الإسلامیة

ثمرة العقل الإستقامة

رابطة الذخائر الإسلامیة

ثمرة العقل الإستقامة

رابطة الذخائر الإسلامیة

هدفنا الأول تبیین مبانی الفکر الانسانی و مبانی الفکر الإسلامی الأصیل
أیضا تعاون النخب و المتخصصین فی العالم العربی و الإسلامی فی رسم خطوات النهضة الفکریة الإسلامیة
و کشف قدرات أفراد المجتمع من الشباب و الشابات و تنمیتها...

الملتقيات و الأقسام
الأرشيف

۱ مطلب با موضوع «المدونة :: قسم الفكر والعقيدة :: مع إمام منصور» ثبت شده است

مع إمام منصور : الدرس الأول

| Monday, 31 July 2023، 06:47 PM

مع إمام منصور1

 

عندما يظهر الامام الحجه عجل الله فرجه الشريف يقف عند الكعبة و ينادي بالثأر للحسين عليه السلام الذي قتل عطشانا، يعني انطلاقة الإمام الحجه عجل الله فرجه الشريف وحركته ونهضته بشعارات الثائر للحسين عليه السلام ونحن في هذا المقطع الوارد في الزيارة:  (مع امام منصور) نسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الإمام الحجة % الذي سوف ينتصر إلى الامام الحسين %. فماهو المقصود من الإمام المنصور وكيف نكون مع الإمام المنصور عليه السلام؟.

حضور الإمام الحسين في العوالم في قوسي النزول والصعود

عندما نراجع الروايات التي تتكلم عن الجنة نجدها تبين لنا أن الله تعالى خلق الجنة من نور الحسين عليه السلام هذه الجنة رشحة من رشحات الحسين عليه السلام هذا في قوس النزول، بالإضافة إلى أن الجنة في قوس الصعود هي مصنع أولياء الله.

عالم الأنوار درجة من درجات الجنة، وفيه خلفاء الله مثل آدم عليه السلام وذريته والمعصومين، عالم الأنوار الذي تنزلت بواسطته العوالم، كل العوالم تعود في أصلها إلى نور الحسين عليه السلام حتى عالم المادة. من هنا يجب علينا أن نشير إلى نحو حضور الامام الحسين عليه السلام في العوالم، و من هنا يتبين معنى أن سفينة الحسين أوسع سفن النجاة، بل إن بوابة الحسين عليه السلام هي أوسع بوابة لدخول الجنة لكل الناس وليس فقط المؤمنين سواء كان المؤمن او حتى الكافر ولكن عندما سمع بمصيبة الحسين اقشعر بدنه و تحركت فطرته فهذا يمكن أن يدخل الجنة بسبب تفاعله مع قضية الحسين عليه السلام.

تذكر بعض الروايات أن الانسان عندما يتوفاه الله فإنه يرى أهل البيت عليهم السلام عند الاحتضار سواء كان مؤمن او كافر، وستكون ردة فعله حسب ما فعّله من فطرته، فإذا كانت فطرته سليمه سيعشق ما شاهد حتى لو لم يعرفهم لأن فطرته اختمرت بهم فيراهم موجودات جميلة ويأنس بهم، ويشاهد مبشرا وبشير، ويُعرف بهم ويسير بهم في مواقف العالم الآخر، لكن عندما يكون مُبغضا لهم ينفر منهم، يراهم موجودات جميلة لأنه في ذلك العالم يُكشف الغطاء عن البصر فيرى الواقع كما هوويرى جمالهم لكن لا يميل إليهم لأنه غير متناسب مع طبيعتهم، فيستنكر ويعيش الألم لعدم التوافق بينه وبين ذلك الجمال، فيظهر له منكر ونكير، يعني الانسان لا يشاهد -أول ما يشاهد بعد الموت- منكر ونكير مباشرة ولا يشاهد أعماله، بل إن أول ما يشاهد هو اهل البيت عليهم السلام وبناء عليه تصبح ملكوت أعماله مع من أحب او بما يتناسب مع من أبغض أما من لا يعرفهم لكنه استحسن هذا الجمال الذي يراه فيهم وهذه النورانية فإنه أيضا يدخل الجنة لهذا الاستحسان والتناسب مع الفطرة، هذا الاستحسان هو ما يسمى بالتقوى الفطرية أو الاسلام الفطري الذي لم ينمو في الدنيا لموانع اعترضته في الدنيا، فينمو بعد الموت لمشاهدة الأنوار القدسية التي ترفع مشاهدها مستوى من الايمان وهذا معنى الهداية الامرية، الهداية الأمرية دفعية وليست تدريجية كما في عالم المادة ، نعم! الهداية -حسب القوانين المادية- في عالم المادة تحتاج الى مقدمات لكن في عالم البرزخ وعالم ما بعد الموت هناك تكون الحركة أمرية، و الهداية هداية أمرية يعني حتى هذا الكافر مجرد أن يستحسن هذه الانوار التي يشاهدها بعد الموت مباشرة هذه الأنوار ترفع مستوى إيمانه تفجر الايمان في قلبه فتصبح له منزلة على حسب ما عنده من سعة وتحمل من استقبال أنوار الولاية.

إذن الحسين عليه السلام مبدأ ظهور هذه العوالم خصوصا اذا ركزنا على الروايات التي تتكلم عن عالم المادة الذي بدأ بالحجر الأسعد الذي نزل من الجنة وخلق به عالم المادة ، إذن منشأ كل العوالم حتى عالم المادة هو الجنة والجنة خلقها الله تعالى من نور الامام الحسين عليه السلام فاذا نظرنا الى مجموع هذه الروايات التي تتكلم عن اصل خلقة العوالم وأن الخلق لم ينفك قط ولا ينفك عن الجنة بمراتبها، وأن الله تعالى خلق الانسان في الجنة و تنزل من مراتب الجنة، وليس أنه خرج من جنة الأسماء لأن آدم عليه السلام كان في جنة الذات يعني فاني في الله تعالى ثم علمه تعالى الاسماء فتجلى في جنة الأسماء التي تجلت به، لأن العلاقة تجاذبية طرفينية بين الإنسان والعالم، وكل عالم هو ثمرة تجلي الإنسان فيه، عما تجلى عالم الأسماء تحقق آدم بحقيقة توحيد الاسماء ثم خلق الله عوالم الخلق بآدم بتجلى الله بالتجلي الأفعالي في عامل الخلق وتحقق آدم بحقيقة التوحيد الأفعالي، بالتوحيد الافعالي شاهد آدم الأفعال الإلهية التي كانت ملائكة خفية، وشاهد أنوار تحيط حول العرش تحدق بالعرش وتطوف حوله وهي أنوار الأئمة عليهم السلام والرسول صلى الله عليه وأله، وسأل عنهم فعرف أنهم أصله، وهو فرعها، وشاهد الملائكة المدبرة في عالم الملكوت والملك وانقيادها المطلق لتلك الأنوارالذي عبّر عنه القرآن بالسجود، وهذه من درجات التوحيد الأفعالي و الولاية الأفعالية، وبهذا اكتمل خلق آدم واختمرت فطرته وتحققت بالتوحيد بمراتبه التي تظهر فيه بالولاية وتجلياتها، وبظهورها فيه ظهر وأظهر العوالم وسجدت له الملائكة تعظيما لأصله.

وبعد الإقرار بالربوبية والتدبير في حضرة الرب الجليل والروح الأعظم نور النبي الأكرم صلى الله عليه وآله الشمس الجامعة للأقمار العلوية الساطعة، فستقر روحه في روحه، وهذا معنى (نفخت فيه من روحي)، يستمر آدم في التنزل والظهور،  فيتنزل في مراتب جنة الأفعال إلى الأرض إلا أن كل هذه العوالم -حتى عالم المادة- هي فعل الله بالتالي هي أثر التوحيد الافعالي فهي جنة الأفعال. إذا أردنا تقريب افكرة فلسفيا باستعمال العلل الأربع، يمكن القول أن العلة الغائية هي روح العالم النبوية المحمدية وهو أصل الأنوار والأرواح، والعلة الفاعلية هي بوابة النبي الأكرم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهو النفخة التي تبث الحياة في الفطرة الإنسانية (نفختُ)، و الحسين هو العلة الصورية التي تصبغ كل استعداد (علة مادية) بالصبغة النبوية، فتدفع بها للاستمرار في الحياة الولائية الفطرية. 

اذن الامام الحسين عليه السلام هو مبدأ ظهور العوالم به ظهرت الجنة وكل العوالم هي مراتب الجنة، وأن للإمام الحسين دور أساسي في قوس الصعود والرجوع لله سبحانه وتعالى وفي ظهور التوحيد الحقيقي بتمام ما يمكن أن يظهر على  الأرض، ومن هنا ندرك العلاقة بين الحسين عليه السلام وظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه، حيث أهم ما يميز زمن ظهور الإمام الحجة هو ظهور التوحيد بأرقى مدارجه في الأرض فيصبح هذا العالم المادي يتمتع بقدرات واستعدادات استثنائية تفوق تصور البشر في كل زمان مر في تاريخ البشرية.

في الروايات أن الأنبياء بكوا على مقتل الحسين عليه السلام مثل آدم وإبراهيم وزكريا وغيرهم عليهم السلام. بل أن بعضهم طلب مواساة النبي الأكرم في ولده الحسين عليه السلام، فطلب الولد الناصر للحسين قبل قيامه عليه السلام، مثل النبي زكريا عليه السلام فأصبح من المستحبات في أول محرم طلب الولد الصالح الذي ينصر الامام الحسين لأنه في أول شهر محرم طلب زكريا الولد من الله و استجاب له، رأى في نفسه شعوراً برغبه في البكاء فسأل ربه عن حقيقة ذاك الشعور فذكر الله سبحانه له قصة الامام الحسين عليه السلام فقال يارب أريد ولدًا أواسي به خاتم الانبياء فيقتل كما يقتل الإمام الحسين عليه السلام و قد رزقه الله تعالى النبي يحيى وحصل فيه تقريبا كما حصل للحسين عليه السلام، هنا لابأس من الإشارة إلى بعض آداب الدعاء التي قد نغفل عنها في المواقف المصيرية والحاسمة كالموقف الذي نعيشه في هذا الموسم العاشورائي العظيم، وهو أننا عندما نطلب من الله وندعوه علينا أن نهتم ونسعى من أجل توفير المقدمات اللازمة أي أن نُبرز الجدية في الطلب عمليا، خصوصا اذا كانت الأدعية كبيرة عظيمة كأن يرزقني الله سبحانه ولدا صالحا من أنصار الحسين عليه السلام، أو أن أكون من أنصار الحجة عجل الله فرجه الشريف، عندما أقول في الدعاء (ياليتني كنت معهم) أي مع أنصار الحسين عليه السلام، هذا دعاء عظيم لابد ان نلتفت أنني عندما ادعوا بهذا الدعاء فإن له لوازم ومنها التمحيص الشديد وسنّة التمحيص من السنن القرآنية الإلهية التي لابد أن يمر فيها كل الناس، نعم! تختلف شدة وضعفا حسب استعدادات الناس للتحمل وأيضا حسب ادّعاءاتهم ومطالبهم وآمالهم.

 

كان الكلام عن حضور الإمام الحسين عليه السلام في العوالم ، بعد ذلك يجب أن نشير إلى عوالم الانسان، وما علاقتها بالإمام الحسين عليه السلام، هذا ما سيأتي في الدرس القادم بإذن الله تعالى.

  • 31 July 23 ، 18:47